كيف تختار بين وظيفتين؟

ماذا تفعل إذا تلقيت فرصتي عمل في وقت واحد؟

تواجه العديد من الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم المهنية تحديًا بالغ الأهمية، ألا وهو تلقي عرضين وظيفيين في الوقت نفسه. هذا الموقف، على الرغم من أنه قد يبدو مدهشًا ومشجعًا في البداية، فإنه يحمل في طياته صعوبة اتخاذ القرار الصحيح. فقد يتسبب التردد أو اتخاذ قرار غير مدروس في الإضرار بمستقبل الشخص المهني. لذلك، يتطلب هذا الموقف الكثير من التفكير والتحليل العميق، مع التركيز على ما هو الأنسب للظروف الشخصية والمهنية.

1. تحليل العروض الوظيفية بشكل دقيق

أول خطوة يجب اتخاذها عند تلقي فرصتي عمل في وقت واحد هي القيام بتحليل دقيق لكافة جوانب العروض الوظيفية. من المهم أن لا تنظر فقط إلى الأجر الشهري أو العوائد المالية التي ستحصل عليها، بل يجب أن تأخذ في اعتبارك مجموعة من العوامل الأخرى التي تؤثر على حياتك المهنية والشخصية على المدى الطويل.

• الأجر والمزايا المالية: يعد الراتب من العوامل الأساسية التي تؤثر في القرار. قد يتضمن العرض الذي تتلقاه مزايا إضافية مثل التأمين الصحي، العطل المدفوعة، أو مكافآت الأداء. عليك أن تقارن هذه العوامل بين العروضين.

• الفرص المهنية: قد يقدم لك أحد العروض فرصًا أكبر للنمو المهني والتطور الوظيفي. يتطلب الأمر منك التفكير فيما إذا كان العرض يمنحك فرصًا للتعلم المستمر، التدريب، أو الارتقاء إلى مناصب أعلى في المستقبل.

• الثقافة المؤسسية والبيئة العملية: من الأمور الحيوية التي يجب النظر إليها هي بيئة العمل. هل تتوافق مع قيمك الشخصية؟ هل ستكون قادرًا على التكيف مع ثقافة الشركة؟ قد تكون بيئة العمل الصحية والتعاونية من أهم العوامل التي تساهم في نجاحك المهني والشخصي.

2. تحديد أولوياتك الشخصية والمهنية

عندما تواجه قرارًا مصيريًا كهذا، عليك أن تحدد ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك في هذه المرحلة من حياتك. قد تكون بعض الأولويات هي نفسها بالنسبة لجميع الأشخاص، ولكنها قد تختلف من شخص لآخر وفقًا للظروف الشخصية:

• التوازن بين الحياة المهنية والشخصية: إذا كانت العروض تتضمن اختلافًا في ساعات العمل أو إمكانية العمل عن بعد، فكر في كيفية تأثير ذلك على حياتك الشخصية. هل يمكنك الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة؟ أم أن أحد العروض سيجعل هذا التوازن صعبًا؟

• الاستقرار المالي: إذا كنت تمر بفترة انتقالية في حياتك أو تحمل مسؤوليات مالية كبيرة، قد يكون العرض الذي يقدم راتبًا أعلى أو استقرارًا ماليًا أكبر هو الأفضل لك.

• التحقيق في شغفك وأهدافك: قد يكون لديك أهداف شخصية طويلة الأمد تتعلق بحلمك المهني. هل يساهم أحد العروض في تحقيق هذه الأهداف؟ هل سيمكنك العمل في هذا المنصب من ممارسة شغفك بشكل أكبر؟

3. تقييم سمعة الشركات ومسارها المستقبلي

في عالم العمل اليوم، يعد تقييم سمعة الشركات من أبرز العوامل التي تؤثر على القرار. عليك أن تسأل نفسك بعض الأسئلة الهامة حول الشركات التي تقدم لك العروض:

• سمعة الشركة في السوق: هل هذه الشركات تحظى بسمعة طيبة؟ ما هو تقييم الموظفين الحاليين والسابقين لها؟ هل تتمتع الشركة بسمعة طيبة في السوق ووسط منافسيها؟

• استدامة الشركة وتوجهاتها المستقبلية: من المفيد معرفة ما إذا كانت الشركات التي تقدم لك العروض في وضع مالي مستقر ونجاح طويل الأمد. قد تجد أن إحدى الشركات في طريق النمو والازدهار بينما الأخرى قد تواجه تحديات اقتصادية أو أزمة في المستقبل القريب.

• رؤية الشركة واستراتيجيتها: عليك أن تفكر فيما إذا كانت الشركة التي تفكر فيها تتوافق مع رؤيتك المستقبلية. هل يتماشى التوجه المستقبلي للشركة مع أهدافك؟ هل يمكن أن يوفر لك هذا التوجه فرصة للنمو؟

4. استشارة الأصدقاء والعائلة

في مثل هذا الموقف، قد تجد أن رأي الآخرين يمكن أن يكون ذا قيمة كبيرة. قد يساهم الأشخاص المقربون منك في تقديم وجهات نظر محايدة تساعدك على اتخاذ القرار. سواء كان ذلك من خلال نصائح عملية أو مجرد دعم عاطفي، فإن الدعم من العائلة والأصدقاء يمكن أن يكون عنصراً مهماً في اتخاذ القرار.

ومع ذلك، من المهم أن تضع في اعتبارك أن القرار النهائي يجب أن يكون قرارك الشخصي. فالرأي الخارجي هو أداة للمساعدة ولكنه لا يجب أن يكون العامل الوحيد في اتخاذ القرار.

5. النظر في تأثير القرار على حياتك المستقبلية

التأثير طويل الأمد للقرار الذي ستتخذه يجب أن يكون دائمًا في ذهنك. أحيانًا، قد تكون الفرصة التي تبدو مغرية اليوم لا تواكب احتياجاتك المستقبلية. عليك أن تفكر في كيفية تأثير هذا القرار على حياتك المهنية والشخصية في المستقبل.

هل ستتمكن من تحقيق أهدافك في الحياة الشخصية والمهنية إذا اخترت أحد العروض؟ هل يتيح لك هذا القرار الوصول إلى الفرص التي تطمح إليها في السنوات القادمة؟ كل هذه الأسئلة يجب أن تؤخذ في الاعتبار لتقييم مدى تناسب العرض مع أهدافك المستقبلية.

6. إعداد خطة عمل للتعامل مع العرضين

بمجرد أن تحلل العروض وتكون لديك فكرة واضحة عن أيهما الأنسب لك، قد يكون من الضروري إعداد خطة عمل للتعامل مع العرضين. الخطوة الأولى هي التواصل مع الشركات بوضوح وتقديم شكرك وتقديرك على الفرصة التي قدموها لك. سواء كنت ستقبل أحد العروض أو ترفضهما، يجب أن يكون تعاملك مع كل عرض احترافيًا ومهذبًا.

إذا قررت قبول أحد العروض، يجب أن تتأكد من أن جميع التفاصيل المتعلقة بالراتب، المهام الوظيفية، ساعات العمل، والمزايا الأخرى واضحة ومفهومة قبل توقيع العقد.

7. اتخاذ القرار بثقة

في النهاية، لا يوجد قرار صحيح أو خاطئ بشكل مطلق. كل شخص يواجه مواقف واحتياجات مختلفة، وبالتالي سيختلف القرار الذي يتخذونه بناءً على تلك الاحتياجات. المهم هو أن تتخذ قرارًا تكون واثقًا من أنه يخدم مصلحتك المستقبلية.

قد تكون هذه اللحظة مليئة بالتحديات، لكن إذا قمت باتباع الخطوات المذكورة أعلاه، سيكون بإمكانك اتخاذ القرار الصحيح الذي سيوفر لك أفضل فرصة للنمو الشخصي والمهني.